الثلاثاء، 15 أبريل 2014

39- مشكلات الإعلاميات في الإذاعة والتلفزيون الأردني: دراسة في سوسيولوجيا اللامساواة الجنوسية

مشكلات الإعلاميات في الإذاعة والتلفزيون الأردني:
دراسة في سوسيولوجيا اللامساواة الجنوسية
د./ حلمي خضر ساري(*)
أ./ رولا أبو الروس
مقدمة:
على الرغم من القدر الكبير من المساواة الذي حققته النساء مع الرجال في مجالات كثيرة في المجتمع العربي، إلا أن التفاوت واللامساواة بينهما في مجال سوق العمل ما زال قائما (1). فتقسيم العمل وتوزيعه بين الرجال والنساء في هذا المجتمع، كما في غيره من المجتمعات الأخرى، ما يزال إلى حد كبير يستند إلى تصورات المجتمع ومفاهيمه الثقافية والاجتماعية لمعنى الجنس (Sex) والجنوسة (Gender)(2)؛ لذا تُخَصّص للرجال أعمال معينة، وتُناط بالنساء أعمال أخرى(3) تتناسب مع هذه المفاهيم وتتلاءم مع تلك التصورات.
غير أن المشكلة الحقيقية لا تكمن في هذا التقسيم، وإنما في القيمة الاجتماعية التي يعطيها المجتمع لكل من أعمال النساء وأعمال الرجال، وفي التفاوت الواضح في مواقع العمل لكليهما في القوة والثروة والمكانة الاجتماعية، وفي المشكلات الاجتماعية الكثيرة التي تنجم عن مثل هذا التفاوت.

مشكلة الدراسة:
تتعرض النساء لأشكال كثيرة، وانواع مختلفة من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والمهنية  الناجمة عن اللامساواة الجنوسية  (Gender Inequality) في المهن التي يعملن فيها(4). وليس العمل بمهنة الإعلام بمستثنى من ذلك. ولكن الدراسات الاجتماعية والإعلامية كانت إلى عهد غير بعيد مصابة بما يمكن أن يطلق عليه " العمى الجنوسي"، إذ إنها لم تلتفت إلى الأبعاد المتعددة والأشكال المختلفة التي تظهر عليها اللامساواة الجنوسية داخل المؤسسات الإعلامية، فجل اهتمامها كان يتمحور حول البعد العددي لهذه المشكلة، حيث أنها انشغلت بتحديد عدد الإعلاميات في المؤسسات الإعلامية ومقارنته بعدد زملائهن الإعلاميين، والذي هو في الحقيقة يميل لصالح الإعلاميين الذكور، مغفلين المظاهر الأخرى التي تتخذها اللامساواة  الجنوسية في مهنة الإعلام .

أهمية الدراسة ومبررات إجرائها:
تأتي أهمية الدراسة من كونها تعالج موضوعا غير مطروق في الدراسات الاجتماعية-الإعلامية في المجتمع الأردني وهو اللامساواة الجنوسية في مهنة الإعلام بمؤسسة الإذاعة والتلفزيون الأردني، وبالمشكلات الناجمة عنها. وفي الوقت الذي ترمي فيه المشكلات الناجمة عن اللامساواة الجنوسية بكل ثقلها ووزنها على الإعلاميات العاملات بهذه المؤسسة.

أهداف الدراسة :
تتمثل أهداف الدراسة فيما يلي:
1. التعرف إلى دوافع عمل الإعلاميات في مهنة الإعلام في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الأردني.
2. التعرف إلى طبيعة المشكلات التي تواجهها الإعلاميات في هذه المؤسسة.


الدراسات السابقة ذات الصلة بموضوع الدراسة :
إن الدراسات التي تناولت موضوع عمل المرأة في المجال الإعلامي كثيرة ومتنوعة، ومتباينة الأهداف، ومتفاوتة المستوى العلمي. وبعد الاطلاع على عدد غير قليل منها تم اختيار ما يمكن الاستفادة منه أكثر من غيره في هذه الدراسة.
أجرت علياء تفاحة من الأردن عام (2003) دراسة بعنوان: "مشكلات المرأة الصحفية العاملة في الصحف اليومية الأردنية"(5)، تكونت عينتها من (57) صحفية يعملن في خمس صحف يومية هي (الدستور، والرأي، والجوردان تايمز، والعرب اليوم، والأسواق). واستخدمت الباحثة الاستبانة في جمع المعلومات، وذلك بهدف التعرف إلى أهم المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والمهنية والنفسية التي تواجه الصحفية العاملة في هذه الصحف. وتوصلت الدراسة إلى وجود مشكلات عديدة تواجه الصحفية منها صعوبة التوفيق بين الحياة العائلية وظروف العمل، وعدم تناسب الراتب مع الجهد المبذول، واضطرار الإعلامية للإنفاق على عملها من مواردها الخاصة، وعرقلة نجاحات الصحفية من قبل زملائها الذكور. كما توصلت الدراسة أيضا إلى وجود اختلاف في التعامل بينها وبين زميلها الصحفي، إضافة إلى تعدد القيود المهنية التي تحد من خوضها في مواضيع مهمة، والنظر إليها على أنها أقل كفاءة من زميلها الصحفي؛ وكشفت الدراسة أيضا عن أن الصحفيات المندوبات هن الأكثر إحباطا والأكثر تعرضا للشائعات والمساءلة القانونية.
وهنـاك دراسة أخرى حول هذا الموضوع في لبنان قـامت بها نهوند القادري، وسعـاد حرب عام (2002) بعنوان: "الإعلاميات والإعلاميون في التلفزيون: بحث في الأدوار والمواقع"(8)، هدفت إلى رسم صورة عامة للخصائص الجنوسية للعمل الإعلامي في خمس محطات تلفزة لبنانية هي: (محطة أم تي في، والمستقبل، والمنار، وأن بي أن، وتلفزيون لبنان)، إضافة إلى التعرف إلى التوزيع الجنوسي في هذه المحطات تبعا للأقسام. واستخدمت الباحثتان الاستبانة ودراسة الحالة من أجل جمع المعلومات من الإعلاميين والإعلاميات، تم توزيعها على (162) إعلامية. وقد توصلت الدراسة إلى أن للمهنة الإعلامية مؤثرات سلبية على حياة الإناث العائلية أكثر منها على الذكور؛ إذ ترى الإناث أن المهنة الإعلامية كانت سببا في تأخر زواجهن، أو عدم زواجهن، وقللت من إمكانية إنجابهن للأبناء، فيما كان أثر المهنة إيجابيا على الحياة العائلية للذكور. وأما فيما يتعلق بدوافع العمل الإعلامي فقد كانت كما يلي: الاستزادة من الثقافة، وكسب المزيد من العلاقات الاجتماعية، والمساعدة على التحرر، والقرب من أصحاب القرار السياسي. وأما دوافع الذكور فقد كانت كما يلي: إشباع الهواية،وارتفاع المردود المادي والمعنوي. وقد تساوى الجنسان في ذكرهما الدوافع التالية: الاختصاص، والمكسب المادي، والراحة في العمل. وأوضحت الدراسة أن النساء يعملن بجدية مثل الرجال تماما، فهن يعملن ويداومن مثلهم أو أكثر، وقد يتأخرن في القدوم إلى العمل أكثر من الرجال إنما يتغيبن أقل. وفي حين اعتبر الذكور أن عملهم مريح وجدته الإناث مملا ومتعبا. وأما فيما يتعلق بالمردود المادي، فلم تول الإناث أهمية كبيرة له. كما كشفت الدراسة عن أن الاختلاف في واقع النساء في المؤسسة يعود للمؤسسة التي تعمل فيها، حيث يلاحظ الطابع الأبوي في التعامل مع النساء في (تلفزيون لبنان) المنفتح بحذر على مجالات جديدة لعمل المرأة، والتنافس وإثبات الذات في المؤسسات الأخرى، بينما يبقى تلفزيون المنار أكثر تقليدية في توزيع الأعمال بين النساء والرجال.

وهناك دراسة أجنبيـة حول الموضوع أجرتها المنظمة الدولية للنساء الإعلاميات، (1995)، بعـنوان(11):"Women in the Media: Facing Obstacles, Changing  Attitudes" أي "النساء في وسائل الإعلام: مواجهة الصعوبات وتغير الاتجـاهات" هدفت إلى التعرف إلى أهم العقبات التي تواجه النساء الصحفيات والتغير الحاصل في وجهات النظر تجاه عمل النساء في المجال الإعلامي، وتناولت جميع الصحفيات المشاركات في المؤتمر العالمي الرابع للمرأة الذي عقد في بكين عام (1995)، وكذلك الصحفيات العضوات في المنظمة ويضـم (40) دولة. وقد توصلت الدراسة إلى أن أهم الصعوبات التي تواجه الصحفيات هي صعوبة التوفيق بين العمل والعائلة، وقلة وجود أمثلة لصحفيات رائدات يمكن التعلم من تجاربهن، إضافة إلى صعوبات أخرى مثل التمييز في الرواتب، وقلة فرص الحصول على وظائف مقارنة مع الرجال. وأكد ما نسبته (93%) من هؤلاء الصحفيات أن المرأة الصحفية تواجه عقبات لا يواجهها الصحفي الرجل، وعلى الرغم من ازدياد أعداد النساء الملتحقات في العمل الصحفي، وازدياد الوعي بموضوع التمييز بين المرأة والرجل في مكان العمل، والجهود المبذولة للحـد من هذا التمييز، إلا أن الإعلاميات ما زلن  يواجهن عقبات في التوظيف. كما عبرت المبحوثات عن إحبـاطهن بسبب حرمانهن من تغطية المواضيع العلميـة، والسـياسية. وأكدت (64%) من أولئك الصحفيـات أن وسائل الإعلام ترسـم صـورا نمطـية غير صحيحة للمرأة.


أسئلة الدراسة :

ستحاول هذه الدراسة الإجابة عن الأسئلة التالية:
1 ـ ما هي دوافع عمل الإعلاميات في مهنة الإعلام في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الأردني؟
2_ ما المشكلات التي تواجهها الإعلاميات العاملات في هذه المؤسسة، وما تأثيراتها عليهن؟


متغيرات الدراسة:
اشتملت الدراسة على نوعين من المتغيرات هما:
1. المتغيرات المستقلة، وهي عدد سنوات الخبرة، والحالة الاجتماعية للإعلامية، والتخصص الأكاديمي، والأجور / الرواتب، وطبيعة العمل/الوظيفة، والعمر، والرئيس المسؤول عن الإعلامية (أنظر جدول (1) لمعرفة هذه الخصائص والمتغيرات ومستوى كل متغير من هذه المتغيرات).
2. المتغير التابع، وهو مشكلات الإعلاميات في العمل الإعلامي، وتقاس هذه المشكلات من خلال استبانة تم إعدادها لهذا الغرض، وتكونت من (34) فقرة/ سؤالا. 

الإجراءات المنهجية

نوع البحث ومنهجه:
يعد هذا البحث من البحوث الوصفية التي تستهدف تحليل مشكلة اللامساواة الجنوسية في العمل بمهنة الإعلام بهدف الحصول على معلومات كافية ودقيقة عن هذه المشكلة. وفي إطار هذا المنهج تم استخدام المسح الاجتماعي (Survey Method) بشقيه الوصفي والتحليلي.



جدول (1)
خصائص أفراد عينة الدراسة
العدد
النسبة المئوية
المتغيرات
العدد
النسبة المئوية
الحالة الاجتماعية
الرئيس المسؤول عن الاعلامية
عزباء
38
38
ذكر
70
70
متزوجة
57
57
انثى
30
30
مطلقة
5
5
المجموع
100
100
المجموع
100
100
عدد سنوات الخبرة
الراتب الشهري (بالدينار)
سنة واحدة – أقل من5 سنوات
14
14
من100- أقل من 200
1
1
من 5 – أقل من 10 سنوات
34
34
من 200 – أقل من 300
58
58
من 10–  أقل من 15 سنوات
27
27
من 300- أقل من 400
27
27
من15 –  أقل من 20 سنة
17
17
من 400 – أقل من 500
8
8
20 سنة فأكثر
8
8
أكثر من 500
6
6
المجموع
100
100
المجموع
100
100
  العمر
التخصص الأكاديمي
20 – أقل من 25
9
9
صحافة وإعلام
17
17
25 – أقل من 30
16
16
الآداب واللغات
39
39
30 – أقل من 35
33
33
علوم سياسية
6
6
35 – أقل من 40
22
22
علوم اجتماعية وإنسانية
22
22
40 – أقل من 50
16
16
علوم إدارية
13
13
50 فأكثر
4
4
تخصص علمي
2
2
المجموع
100
100
فنون
1
1
المجموع
100
100
طبيعة العمل الإعلامي/ الوظيفة
1. رئيسة تحرير
6
6
8. معدة برامج
9
9
2. محررة
5
5
9. معدة ومذيعة معا
34
34
3. مذيعة
6
6
10. مخرجة
4
4
4. محررة ومذيعة معا
11
11
11. مندوبة
5
5
5. منتجة ومذيعة معا
11
11
12. تبادل إخباري
2
2
6. مديرة دائرة البرامج
1
1
13. علاقات دولية
5
5
 7. مساعدة مديرة دائرة البرامج
1
1


المجموع

100
100



مجتمع الدراسة وعينتها :
يتكون مجتمع الدراسة من جميع الإعلاميات العاملات في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الأردني وعددهن (109) إعلامية.

أداة الدراسة:
تم تصميم استبانة لجمع المعلومات المتعلقة بالإعلاميات.

صدق الأداة وثباتها:
لقد تم اختبار صدق الأداة/الاستبانة بعرضها على ثلاثة محكمين من الجامعات الأردنية الحكومية والخاصة (الجامعة الأردنية، وجامعة اليرموك، وجامعة البتراء) لإبداء ملاحظاتهم واقتراحاتهم، وقد أخذت هذه الملاحظات بعين الاعتبار عند تصميم الإستبانه في صورتها النهائية، والتي تم اعتمادها وتوزيعها على العينة، واعتبر ذلك صدقا ظاهريا لها. وأما فيما يتعلق بثبات الأداة الداخلي فقد تم اختباره من خلال استخدام معامل (كرونباخ ألفا)، حيث بلغت قيمتة(0.82) وهي نسبة جيدة لإجراء هذه الدراسة.


المعالجة الإحصائية:
للإجابة عن أسئلة الدراسة تم استخدام برنامج التحليل الإحصائي (SPSS)، ومن خلاله استخدمت الأساليب الإحصائية التالية:
1 ـ التكرارات، والنسب المئوية، والمتوسطات الحسابية لوصف خصائص أفراد العينة.
2 ـ المتوسطات الحسابية والانحرافات المعيارية للتعرف إلى أهم المشكلات التي تواجهها الإعلاميات.
3 ـ اختبار تحليل التباين الأحادي (One –Way ANOVA) لاختبار أسئلة الدراسة.
4 ـ اختبار شافيه (Scheffe) للمقارنات البعدية.

عرض نتائج الدراسة ومناقشتها
كشفت نتائج  الدراسة عن مظاهر عديدة للتفاوت واللامساواة الجنوسية داخل مؤسسة الإذاعة والتلفزيون تجسدت بمشكلات اجتماعية واقتصادية ومهنية. وسيتم عرض النتائج المتعلقة بهذه المشكلات  تبعا لأسئلة الدراسة:

السؤال الأول: ما هي دوافع عمل الإعلاميات في مهنة الإعلام؟
للإجابة عن هذا السؤال تم استخدام المتوسطات الحسابية، والانحرافات المعيارية، والنسب المئوية لكل دافع من هذه الدوافع كما يبين (جدول 2). إذ يكشف هذا الجدول عن وجود دوافع عديدة كامنة وراء اختيار الإعلاميات لهذه المهنة، أهمها الدافع الاجتماعي المتمثل بتحقيق هذه المهنة "الفائدة الاجتماعية للمجتمع".
جدول (2)
دوافع العمل بمهنة الإعلام
النسبة المئوية
انحراف معياري
المتوسط الحسابي
عملت بمهنة الإعلام لأنها مهنة:
74,2
0.674
2.970
- تحقق فائدة كبيرة للمجتمع
72,2
0.723
2.890
- تحظى باحترام المجتمع
70,0
0.922
2.800
- تحقق لي مكانة اجتماعية مرموقة  بالمجتمع
65,0
0.888
2.600
- تقربني من أصحاب القرار السياسي في المجتمع
64,5
0.699
2.580
- تؤمن لي مردودا ماديا عاليا يسد حاجاتي الضرورية والأساسية
64.2
0.998
2.570
- تحقق لي استقلالاً ماديا عن الآخرين

 

السؤال الثاني: ما المشكلات التي تواجهها الإعلاميات العاملات في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الأردني، وما تأثيراتها عليهن؟

للإجابة عن هذا السؤال تم استخراج المتوسطات الحسابية والانحرافات المعيارية لكل فقرة من فقرات هذه المشكلات، والمتوسط الحسابي للفقرات ككل. وأما هذه المشكلات فيبينها الجدول رقم (3)، وهي كما يلي:

1/2 المشكلات الاجتماعية: يبين جدول (3) أن كثيرا من المشكلات الاجتماعية التي تواجهها الإعلاميات، وبخاصة مع بعض أفراد أسرهنّ، إنما هي بسبب "شهرتهنّ الإعلامية" الناجمة عن العمل بهذه المهنة. فقد احتلت الشهرة الإعلامية، باعتبارها مشكلة اجتماعية المرتبة الأولى بين المشكلات الأخرى،

جدول (3)
المشكلات الاجتماعية التي تواجهها الإعلاميات
المشكلات الاجتماعية
المتوسط الحسابي
الانحراف المعياري
النسبة المئوية
- تسبب لي شهرتي الإعلامية بعض المشكلات مع أفراد أسرتي
3.140
0.569
78,5
- يعارض زوجي/ولي أمري تكليفي بمهمة خارج الأردن
3.040
0.828
76.0
- أجد صعوبة في التوفيق بين حياتي المهنية والعائلية
2.670
0.792
66,7
- أشعر بعدم رغبة الرجال  الارتباط بي كإعلامية
2.480
0.859
62,0
- أشعر بعدم تفهم الرجال غير العاملين في المجال الاعلامي لطبيعة مهنتي ومتطلباتها
2.320
0.875
58,0
- تؤثر ساعات العمل غير المنتظمة على علاقاتي الاجتماعية
2.180
0.869
54,5

2/2 المشكلات الاقتصادية: تتمحور المشكلات الاقتصادية، كما يبين جدول (4)، في جوهرها حول تدني مستوى الأجور التي تتقاضاها الإعلاميات في المؤسسة، وانعكاسات ذلك على مهنتهن وعلى أدائهن فيها. فهي، برأيهن، أجور قليلة لا تمكنهن من مواجهة متطلبات الحياة المتزايدة، وضغوطاتها الكثيرة، الأمر الذي جعل (82,7%) منهن يفكرن جديا بترك عملهن، والبحث عن أي عمل آخر من شأنه أن يساعدهن في مواجهة تكاليف الحياة المرتفعة.

جدول (4)
المشكلات الاقتصادية التي تواجهها الإعلاميات
المشكـلات الاقتصاديـة
المتوسط الحسابي
الانحراف المعياري
النسبة المئوية
- كثيرا ما فكرت جديا بترك عملي في المؤسسة والبحث عن عمل آخر لأن راتبي لا يتماشى مع تكاليف الحياة المرتفعة
3.310
0.837
82.7
- تدفعني تكاليف الحياة المرتفعة إلى البحث عن عمل خارج المؤسسة يؤمن لي زيادة في الدخل المادي 
3.150
0.833
78.7
- أشعر بتراجع في أدائي لعملي بسبب الضغوطات الاقتصادية عليّ
3.020
0.899
75.5
- كثيرا ما أضطر إلى الإنفاق على مستلزمات المهنة من مواردي الخاصة.
2.810
0.961
70.2
- يسبب لي بعد مكان سكني عن مبنى المؤسسة مشكلات في عملي
2.370
0.895
59.2
- يسبب لي عدم انتظام مواصلات المؤسسة مشكلات مع أسرتي
2.060
0.839
51.5
- أشعر برضا عن خدمة المواصلات التي تؤمنها المؤسسة                       
1.950
0.783
48.7
- لن أتردد بترك عملي في المؤسسة إذا ما أتيحت لي فرصة للعمل الإعلامي في مؤسسة أخرى براتب أفضل
1.830
0.888
45.7
- يؤمن لي راتبي معيشة مرضية
1.770
0.802
44.2
- إن نظام بدل المواصلات الذي تصرفه المؤسسة للإعلامية التي لا تستخدم مواصلات المؤسسة هو نظام غير مجز
1.570
0.685
39.2
- أشعر أن راتبي يتناسب مع الجهد الذي أبذله
1.400
0.586
35.0
- إن الراتب الذي أتقاضاه لا يتناسب مع تكاليف الحياة المادية المرتفعة
1.350
0.500
33.7
وتعكس هذه المشكلات بوضوح مدى تدني الأجور التي تتقاضاها الاعلاميات، فهي لا تتناسب مع تكاليف الحياة المادية المرتفعة، ولا مع الجهد المبذول في العمل، وهي كذلك لا تؤمن لهن مستويات معيشية مرضية.
3/2 المشكلات المهنية: يشير جدول (5) إلى وجود عدد غير قليل من هذه المشكلات، وبالنظر إلى الجدول المذكور يتبين أن المشكلة الأولى منها تكمن في عدم تقدير المؤسسة للكفاءات المهنية لهؤلاء الإعلاميات. فقد أجـابت (92.5%) منهـن بأنهـن يفكرن جديا بترك عملهن بسبب ذلك والبحـث عن عمل آخر في مؤسسة أخرى تقدر لهن هذه الكفاءات.

جدول (5)
المشكلات المهنية التي تواجهها الإعلاميات
المشكلات المهنية
المتوسط الحسابي
الانحراف المعياري
النسبة المئوية
- إن عدم تقدير المؤسسة لكفاءتي المهنية يدفعني إلى التفكير بترك عملي والالتحاق بمؤسسة أخرى تقدر لي هذه الكفاءة
3.700
0.522
92,5
- يكسب العمل في القنوات الفضائية والإذاعية في الخارج الإعلاميات العاملات فيها خبرة مهنية أكبر مما يكسبه العمل في المؤسسة
3.580
0.606
89,5
- أتعرض لتحرش جنسي من قبل بعض أفراد فريق العمل الميداني
3.570
0.590
89,2
- أتعرض لتحرش جنسي من قبل بعض المواطنين أثناء العمل الميداني
3.350
0.881
83,7
- لا يتقبل أفراد فريق العمل الميداني من الذكور اقتراحاتي لتطوير العمل
2.740
0.939
68,5
- أشعر بعرقلة الزملاء الإعلاميين لنجاحي كإعلامية لأنني أنثى
2.550
0.833
63,7
- أشعر أحيانا أن المؤسسة تعمل على استثنائي كإعلامية من القيام بمهمات على درجة كبيرة من الأهمية والمسؤولية
2.460
0.870
61,5
- أشعر بتمييز في توزيع المهمات الإعلامية لصالح الإعلاميين
2.410
1.074
60.2
- لا أشعر بالرضا والأمان الوظيفي في المؤسسة
2.410
0.712
60,2
- تشعرني المضايقات الشخصية في المؤسسة بالاغتراب النفسي والاجتماعي في المؤسسة
2.340
0.879
58,5
- تراجع أدائي الوظيفي عما كان عليه قبل سنوات بسبب المضايقات داخل المؤسسة
2.320
0.942
58,0
- لا أتمتع بحرية كاملة في اتخاذ قراراتي في العمل داخل المؤسسة
2.180
0.783
54,5
- لا أستطيع كإعلامية تناول بعض الموضوعات المفيدة للمرأة الأردنية بسبب عدم انسجامها مع توجهات أصحاب القرار في المؤسسة
2.150
0.796
53,7
- لا يسهل أصحاب القرار الإعلامي لي أداء عملي على أكمل وجه
2.040
0.840
51,0
- عدم استناد فرص الترقية المهنية إلى أسس ومعايير موضوعية
1.530
0.627
44,7
- تتحكم الوساطة والعلاقات الشخصية بعملية توزيع المهمات
1.500
0.732
37,5
وهناك مشكلات من نوع خاص كشفت عنها نتائج الدراسة أيضا أهمها مشكلة التحرش والمضايقات الجنسية التي تتعرض لها الإعلاميات.

وبمقارنة المتوسط الحسابي لكل مشكلة/ بعد من المشكلات/ الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والمهنية، يتضح أن المشكلات الاجتماعية احتلت الترتيب الأول بمتوسط حسابي قدره (2,613)، في حين جاءت المشكلات المهنية في الترتيب الثاني، وذلك بمتوسط حسابي قدره (2,439)، وأما المشكلات الاقتصادية فقد جاءت في المرتبة الثالثة بمتوسط حسابي قدره (2,2158). وأما على مستوى الأداة ككل، فقد تبين أن المتوسط العام للمشكلات جميعها (الاجتماعية، والمهنية، والاقتصادية) قد بلغ (2,5) تقريبا، والجدول (6) يبين ذلك.


جدول (6)

مشكلات الإعلاميات حسب كل بعد من أبعاد أداة الدراسة.

المشكلات

المتوسط الحسابي
الانحراف المعياري

المشكلات الاجتماعية

2.613
0.452
المشكلات المهنية
2.439
0.2533
المشكلات الاقتصادية
2.2158
0.2354

 

خلاصة وتوصيات:

كشفت نتائج الدراسة عن وجود دوافع عديدة دفعت الإعلاميات الأردنيات للعمل بهذه المهنة،  كان أبرزها تحقيق الفائدة للمجتمع، والوصول إلى مكانة اجتماعية مرموقة تقربهن من أصحاب النفوذ والجاه الاجتماعي، وتقديرالمجتمع لهن، وتحقيق مكاسب مادية تؤمن لهن استقلالا ماديا يبعدهن عن الحاجة إلى الناس. ولعل التفسير الاجتماعي لهذه الدوافع يتصل بطبيعة نظرة المجتمع الدونية الى المرأة وإلى مكانتها الاجتماعية في المجتمع، مما يدفعها إلى محاولة القيام بأي شيء من أجل تغيير هذه النظرة والمكانة، والنهوض بأعباء رفع الضيم الذي تشعر به جراء هذه النظرة فيما يشبه التعويض النفسي والاجتماعي باتجاه تحقيق قبول اجتماعي أعلى من خلال العمل بمهنة الإعلام من جهة، أو من خلال بعض النتائج المتوقعة للعمل بهذه المهنة كسهولة الاتصال بصانعي القرارات والسياسات المهمة في المجتمع. ولكن العمل بهذه المهنة لم يغير كثيرا من هذه المكانة، ولم يرفع الظلم الواقع عليها، بل إنه في الواقع كان قد أضاف اليهن مشكلات أخرى فوق المشكلات التي يواجهنها أصلا في المجتمع.
وأما فيما يتعلق باللامساواة الجنوسية فقد ظهرت على شكل مشكلات اجتماعية ومهنية واقتصادية وذلك على مستوى الممارسة، والعلاقات والتفاعلات اليومية، وتوزيع القوة بين الإعلاميات والإعلاميين في الجانب المتعلق بعملية اتخاذ القرارات. وهذه المستويات هي في الأصل المستويات التي تتجسد فيها مشكلات اللامساواة  الجنوسية بمفهومها السوسيولوجي، كما تقول الباحثة في مسألة اللامساواة الجنوسية جوان آكر(Acker ) (27) ، وما كان قد ذهب إلية روبرت كونيل ، وولبي وغيرهم ممن استعرضنا لمسلمات منظوراتهم في الاطار النظري لهذه الدراسة .

الهوامش والمراجع:
(1) للإطلاع على مساهمة النساء في النشاط الاقتصادي في المجتمع العربي أنظر، على سبيل المثال:
-  فـؤاد، ثناء (2001)، الدولة والقوى الاجتماعية في الوطن العربي: علاقات التفاعل والصراع. بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية. وأما حول مساهمتهن في السوق المحلي الأردني فانظر:
-  البوريني، عمر، والهندي، هاني (1994)، المرأة الأردنية "رائدات في ميدان العمل". (ط1). عمان: دار الجميع، الأردن.
-  الفرحان، أمل (1992)، دمج المرأة الأردنية في التنمية. في: نبيل خوري، وأحمد الأحمد، المرأة في سوق العمل الأردني. الطبعة الأولى، عمان: الجمعية العلمية الملكية.ص ص:11 ـ 27.
-  صندوق الأمم المتحدة الإنمائي/اليونيفيم (2004)، تقرير أوضاع المرأة الأردنية: الديموغرافية، المشاركة الإقتصادية، المشاركة السياسية، والعنف ضد المرأة. عمان: الأردن.
(2) يميز علماء الاجتماع بين مفهومي الجنس والجنوسة؛ فالأول يشير إلى الفروق البيولوجية بين جسم الذكر وجسم الأنثى، بينما يشير الثاني إلى الفروق الثقافية والاجتماعية والنفسية بين الرجال والنساء. وهذا يعني أن الجنس مفهوم بيولوجي، والجنوسة مفهوم ثقافي. ومن أجل التمييز بين هذين المفهومين أنظر:
-  The Wharton, A. (2005) Sociology of Gender, Blackwell Publishing Ltd. P18.
(3) تستخدم هذه الدراسة مصطلح العمل ليشير إلى أداء مهمات تتطلب بذل طاقات عقلية أو ذهنية أو بدنية في سبيل إنتاج سلع أو خدمات تلبي احتياجات بشرية؛ وأما المهنة فتشير الى العمل الذي يؤدّى لقاء أجر منتظم. انظر في ذلك:
-  Giddens, A. (2001) Sociology. 4th edition, Polity Press: UK. P113.
(4) اللامساواة الجنوسية، مصطلح يستخدمه علماء الاجتماع ليشروا إلى الفوارق في ما يتمتع به الرجال والنساء من مكانة ووجاهة في سياقات مختلفة. انظر في ذلك، المرجع السابق:
-  Giddens, A. P415.
(5) تفاحة، علياء (2003)، مشكلات المرأة الصحفية العاملة في الصحف اليومية الأردنية. رسالة ماجستير غير منشورة، الجامعة الأردنية، عمان، الأردن.
(6) حجاب، عزت، وشلبية، محمود (1999)، النساء المهنيات في وسائل الإعلام الأردنية. مجلة العلوم الإنسانية والاجتماعية. مجلد (15) عدد (1)، ص ص:159-191.
(7) حداد ، تريز (1988)، واقع الصحافة النسائية في الأردن. نقابة المحامين: عمان، الأردن.
(8) القادري، نهوند وحرب، سعاد (2002)، الإعلاميات والإعلاميون في التلفزيون بحث في الأدوار والمواقع. (ط1)، بيروت: تجمع الباحثات اللبنانيات، لبنان.
(9) الشعبي، خالد، والمصعبي، رجاء (1999-2000)، الحضور النسائي في وسائل الإعلام اليمنية. باحثات: الكتاب السادس. بيروت، لبنان. ص ص:388-413.
(10) عبد الرحمن، عواطف (1994)، المرأة العربية والإعلام بين الواقع والاستجابة، الدراسات الإعلامية، عـدد 75، المـركز العـربي الإقـليمي. القاهرة، مصر ص ص:94-113.
(11) The International Women's Media Foundation. (1995). "Women in the Media: Facing Obstacles, Changing Attitudes". In: Hernandez, Debra, Editor & Publisher. Vol. 129. Issue 16. (pp. 2-12).
(12) للاطلاع على النظريات النسوية باتجاهاتها المختلفة، وعلى مرتكزات كل نظرية من هذه النظريات ومسلماتها، وعلى التطور التاريخي لها، أنظر على سبيل المثل:
- Lindsey, L, (1994). Gender Roles: A Sociological Perspective. Prentick Hall, Englewood Cliff: New Jersey.
- Fenstermarker, S., West, C. (2002). Doing Gender, Doing Difference, (eds). Routledge: London.
- Barrett, M., Davidson,M. (2006) .Gender and Communication at Work. Ash gate: UK.
- Tong, R. (1998). Feminist Thought: a More Comprehensive Introduction. Boulder, Colorado: West view Press.
- Ware, V. (1992). Beyond the pale: white women. Racism and History. London: Verso.
(13) Giddens, A. (2001) Sociology. 4th edition, Polity Press: UK. P113.
(14) للمزيد من الاطلاع على هذا النقد أنظر:
- Bradley, H. (1989). Men's Work, Women's Work: A sociological History of the Sexual Division of Labour in Employment. Cambridge: Polity Press.
(15) Fulcher, J. and John, Scott. (2005). Sociology. Second edition. Oxford university press: UK. p164.
(16) المرجع السابق (فولشر وسكوت)، ص165.
(17) Walby, S. (1990). Theorizing Patriarchy. Oxford: Blackwell. P.20.
(18) المرجع السابق (وولبي)، ص 20.
(19) المرجع السابق. ص 20.
(20) المرجع السابق. ص 24.
(21) Connell, R. W. (1987). Gender and Power: Society, the Person and the Sexual Politics .Cambridge: Polity Press.P.140.
(22) المرجع السابق. (كونيل)، ص141.
(23) المرجع السابق. ص142.
(24) كما وردت في:
- Fulcher, J., and John Scott. (2005). Sociology. Second edition. Oxford University Press. P.168.
(25) كما وردت في المرجع السابق( فولشر وسكوت)، ص 168.
(26) أنظر ورقتي كل من :
- مطر، خولة (2001)، المذيعات العربيات : صورة جديدة للمرأة أم أداة لتسويق المحطات الفضائية؟. مؤتمر الإعلاميات العربيات . عمان، الأردن ، 16 ـ 18 حزيران.
- قصاب ، نجوى (2001 )، المعوقات والعقبات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجه الإعلاميات العربيات . مؤتمر الإعلاميات العربيات ، عمان الأردن .
(27) Acker, J. (1992). Gendered Institution", Journal of Contemporary Sociology. Vol. 21: P565-569.
(28) مركز المرأة العربية للتدريب والبحوث "كوثر". (2006)، المرأة العربية والإعلام: دراسة تحليلية للبحوث الصادرة بين 1995 - 2005. تونس.




(*) الجامعة الأردنية/ قسم علم الاجتماع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق